يقول تعالى مخبراً عن نوح عليه السلام، أنه أرسله إلى قومه، آمراً له أن ينذرهم بأس اللّه قبل حلوله بهم، فإن تابوا وأنابوا رفع عنهم، ولهذا قال تعالى: {أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم . قال يا قوم إني لكم نذير مبين} أي بيّن النذارة، ظاهر الأمر واضحه {ان اعبدوا اللّه واتقوه} أي اتركوا محارمه واجتنبوا مآثمه، {وأطيعونِ} فيما آمركم به وأنهاكم عنه، {يغفر لكم من ذنوبكم} أي إذا فعلتم ما آمركم به وصدقتم ما أرسلت به إليكم غفر اللّه لكم ذنوبكم، {ويؤخركم إلى أجل مسمى} أي يمد في أعماركم ويدرأ عنكم العذاب، وقد يستدل بهذه الآية من يقول: إن الطاعة والبر وصلة الرحم يزاد بها في العمر حقيقة، كما ورد به الحديث: (صلة الرحم تزيد في العمر)، وقوله تعالى: {إن أجل اللّه إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون} أي بادروا بالطاعة قبل حلول النقمة، فإنِّ أمره تعالى لا يرد ولا يمانع، فإنه العظيم الذي قد قهر كل شيء، العزيز الذي دانت لعزته جميع المخلوقات.