The small boody cobalt
عدد الرسائل : 1281 العمر : 31 العمل/الترفيه : طالب على ما تفرج تاريخ التسجيل : 24/01/2008
| موضوع: مرة أخرى مع المالكي والتيار والمجلس الجمعة مارس 28, 2008 5:59 pm | |
| مرة أخرى مع المالكي والتيار والمجلس
27/03/2008
ضياء الشكرجي
ليست البصرة وحدها، بل معظم المحافظات الشيعية أصبحت مناطق توتر أمني، وبغداد عاصمة العراق غدت نفسها عاصمة هذا التوتر الأمني. في الوقت الذي كانت في السنوات الأولى ما بعد التغيير المناطق السنية هي مناطق التوتر الأمني الرئيسة، غدت اليوم المناطق الشيعية هي مراكز هذا التوتر، لأن السنة بدؤوا يتعلقنون، بينما بقي الكثير من الشيعة غارقين في اللاعقلانية، وإن كان مسيسوا الدين من السنة والشيعة يتحملون على حد سواء مسؤولية أضرار هذا التسيسس على الوطن والدين.
طرحت في مقالة الأمس مجموعة تساؤلات، وحاولت تثبيت مجموعة حقائق، واليوم أريد أن أضيف إلى ما كتبت بالأمس بعض ما أراه مهما. فقد كنت ما زلت أحاول الوقوف عند ما يعتبره كل من التيار الصدري والمجلس الأعلى خطوطا حمراء، لأني لم أحسم أمري أن أبقى سياسي منفى، أو معارض منفى، ولكن كوني قد تجاوزت الكثير من الخطوط البرتقالية القريبة من الحُمرة حسب معاييرهم، ولكون الكوارث في العراق لم تعد تتحمل الصمت، أجد أن أتحدث بمزيد من الصراحة ومن - لا أقول الجرأة - بل المزيد من المجازفة.
إني عندما خرجت من حزب الدعوة لم تكن لدي نية في تصفية حسابات مع أحد، وما زلت لا أملك تلك النية، لكني أشعر بأني مدين للعراقيين، لأبين بعض الحقائق، وإن كانت لم تعد خافية، ولكن لكون قولها من قبلي له مغزى مختلف.
إني لا أعارض الحكومة الحالية رغبة بالمعارضة، وأميل إلى إنصافها في إيجابياتها، ولطالما بينت أن المالكي هو الخيار الأفضل بالنسبة لي، إذا ما انحصرت الخيارات في قائمة الائتلاف، وإن كان الائتلاف ليس خياري، بل أتمنى أن أرى اليوم الذي ترجح الكفة فيه للوطنيين المعتدلين الديمقراطيين غير المسيسين للدين والمذهب والمرجعية، أقول كان وما زال الخيار الأفضل من بين ثلاث خيارات، هم الجعفري وعبد المهدي والمالكي نفسه.
إننا مع إنهاء مظاهر التسلح غير القانونية، بما فيها ميليشيات المجلس الأعلى ومنظمة بدر وحزب الفضيلة، وألا تقتصر القضية على التيار.
ثم لننظر من هو التيار الصدري؟ ألم يرفع حزب الدعوة يوم دخوله العراق شعار (خط الصدرين) وحاول أن يغازل التيار، وكنت من المعارضين لهذا التوجه، والذي كان الجعفري وقياديون آخرون من رواده. التيار امتداد لتيار الإسلام السياسي الشيعي، الذي انطلق بشكل واضح من خلال تأسيس حزب الدعوة عام 1958 وليس عام 1957 كما يُروَّج، وما كان حزب الدعوة إلا النسخة الشيعية لحركة الإخوان المسلمين وحزب التحرير، بل كثير من مؤسسيه كانوا في حزب التحرير من قبل. ثم جاءت الحركات الإسلامية الشيعية اللاحقة، لتمثل منظمة العمل الإسلامي النسخة الأشد شيعية من الدعوة بتبني شعائر التطبير والغلو في الأئمة من ولاية تكوينية وغيرها، ثم ولد المجلس الذي كان البديل الإيراني لحزب الدعوة، والذي كان مبرر تأسيسه إيجاد حزب إسلامي شيعي عراقي قائم على إيديولوجية الولاء المطلق لإيران والتبني غير المحدود لنظرية ولاية الفقيه وفق الفهم والتطبيق الإيرانيين. ثم ولد التيار الصدري ليكون انبعاثا للحركة الإسلامية الشيعية الصدرية العراقية أي المنبثقة من العراق وغير المرتبطة بإيران لتكون النسخة المتطرفة للخط الذي تأسس عليه حزب الدعوة، وكان حزب الدعوة تنظيم العراق المنشق هو الأشد تشددا وانغلاقا، وجاء حزب الفضيلة ليحاول أن يكون النسخة المحسنة قليلا للتيار الصدري. فالخط نفس الخط، والتطرف والاعتدال نسبيان، فالاختلاف في الدرجة، لا أكثر ولا اقل. لطالما قلت لكم قبل أن منّ الله علي بالاستقالة من الحزب، عليكم أن تحرروا أنفسكم من الثقافة الموروثة، وأن تكونوا من الشجاعة أن يكون لكم موقفكم المتميز، ولا تلهثوا وراء شعارات المزايدة بالدين والمذهب والمرجعية التي يرفعها المجلس خاصة.
نعم الحركات والتيارات ربما تتغير وتترشد، ودعوة اليوم غير دعوة الثمانينات، لكنها كانت قبل التغيير عام 2003 أكثر انفتاحا واعتدالا وعقلانية، لكنها اختارت من جديد أن تلهث وراء مشاريع المرجعية وشعارات المجلس الأعلى، ووقعت في الفخ الطائفي فأصبحت جزءً من المشروع الطائفي الذي استفز الطائفيين السنة فجعلهم أكثر طائفية، واضطر عقلاء ومعتدلي السنة أن يصطفوا مع الطائفيين من السنة، بعدما رأوا الاصطفاف الطائفي لكل الأحزاب الإسلامية الشيعة بما فيها حزب الدعوة الأكثر اعتدالا والأبعد عن النـَفـَس الطائفي.
الجعفري في لقائه مع الحرة يوم أمس، وهو الرجل الذي يحاول أن يظهر بمظهر الرجل العصري والعقلاني والمعتدل، ماذا يقول، يقول إن فكره ومبادئه وقيمه لا تتغير، ويرى أن عدم التغير والثبات والذي أسميه جمودا صفة تستحق الافتخار بها. هذا يعني إنه ما زال يؤمن بمشروع أسلمة المجتمع، أي تسييس الدين، ويؤمن بالمراحل التغييرية الأربع، وآخرها إقامة الحكم الإسلامي، ولعله ما زال يؤمن بولاية الفقيه، لا أدري. الجعفري الذي كان في التسعينات يرتجف ويرعد ويزبد عندما يسمع متدينا يتلفظ، نعم يتلفظ فقط بمفردة الديمقراطية، والذي لم تتغير مبادئه وأفكاره كما عبر، لم يتغير كفره بالديمقراطية إذن. لكني أذكر أنه كان من أوائل الموقعين على بيان المنتدى الإسلامي الديمقراطي العراقي كمبادرة أطلقتها شخصيا عام 2002. إذن إما أن أصدقه في تحوله في تبني الديمقراطية وعدم اعتقاده بوجود إشكال شرعي كما يعتقد - حسب علمي - حتى منتصف إلم يكن حتى الثلث الثاني من التسعينات -، وإذا صدقناه، وأرأب به لأن يجانب الصدق، إذن حصل لديه تحول في أفكاره، فلماذا يقول أن فكره لا تتغير. أما إذا صدقنا بأن فكره لا يتغير، إذن ما زال يرى إشكالا شرعيا في الديمقراطية. إني أورد هذا المثل، ليعرف الناس أن حتى المعتدلين من الإسلاميين هم متطرفون في العمق. والمعلون الصادقون في اعتدالهم بقوا في أحزابهم الإسلامية، لعله لأنهم لن يكون لهم شيء في عالم السياسة إذا خرجوا منها، أو لأنهم ألفوا الانتماء لهذه الأحزاب رغم كل أخطائها وخطاياها.
والغريب رأينا المؤتمر الصحفي الذي تصدى له عبد العزيز الحكيم وإلى جانبيه ومن خلفه رموز الدعوة والمجلس، وكان الجعفري إلى جانبه مباشرة، ليعلنوا تأييدهم للمالكي في إجراءاته. أنا أفهم أن يفرح المجلس ويتشفى بضرب التيار الصدري، لكن لا أفهم أن يصطف الجعفري الذي ما زال يحلم بإطلاق مشروعه السياسي الذي يعول فيه فيما يعول على الصدريين، ثم هو المعروف بشدة حساسيته من المالكي وعدم الإيمان بمؤهلاته، بل إني أعلم ويعلم الكثيرون أنه لا يطيقه. فهل ظهور الجعفري مع المؤيدين لإجراءات حكومة المالكي، جاءت بأمر شرعي من علي خامنئي أو من علي السيستاني، كما يقال أنه حصل عندما انسحب من ترشيحه لرئاسة الوزراء بعدما عطل العملية السياسية لمدة ثلاثة أشهر وبتأييد شعبي من التيار الصدري الذي يعمل حزبه بقيادته نده المالكي تقليم أظافره اليوم؟ مجرد سؤال.
نحن في الوقت الذي نحزن على هدر دم أي عراقي، سنيا كان أوشيعيا، صدريا أو مجلسيا بدريا أو دعوتيا، ومع هذا نقول إننا مع المالكي، إذا كان الهدف تحقيق سيادة القانون ونزع السلاح كليا، وبخطة مدروسة النتائج والعواقب بشكل دقيق، بحيث لا يشمل هذا التيار وحده، بل قوات المجلس الأعلى ومنظمة بدر، وغيرهما، ونحن معه إذا كانت هذه الإجراءات خطوة نحو استئصال التخريب الإيراني من العراق، وإنهاء الطائفية السياسية وتسييس الدين ومزاولة دولة ولاية الفقيه غير المعلنة بتسييس المرجعية. وكذلك إذا كانت خطوة نحو تخليص القوات الأمنية من التسييس والحزبنة، لاسيما لصالح المجلس الأعلى، وبدرجة ثانية لحزب الدعوة.
ثم هل سيعقب استتباب الأمن - إذا حصل - شن الحرب على الفساد الإداري والمالي؟ هل سيكون المالكي شجاعا كما اليوم ليستأصل المفسدين الإداريين والماليين ابتداء من حزب الدعوة ثم الائتلافيين لاسيما من المجلس الأعلى حتى على مستوى الشخصيات القيادية للمجلس والدعوة، ثم ينتقل من بعد ذلك وليس قبل ذلك لاستئصال الفساد الإداري والمالي المزاوَل من قبل الشخصيات السياسية الكردية والكردية والسنية. إذا فعل ذلك سيدخل التاريخ ويكون من الرموز الوطنية العراقية، من أمثال عبد الكريم قاسم في العراق وسعد زغلول في مصر ومحمد مصدق في إيران.
ثم إذا كانت مواجهة تجاوزات التيار الصدري ضرورية، فلماذا شتمتم أياد علاوي من قبل، عندما حاول أن ينهي الفتنة، ولعله بعدد أقل بكثير من الضحايا مما يحصل اليوم؟ ولماذا سارع السيستاني لإنقاذ المحاصرين في حضرة أمير المؤمنين عليه السلام، والذين كان من الممكن أن يستسلموا بعد أيام من غير إراقة الكثير من الدماء، كما يحصل اليوم.
نقول نعم لدولة القانون، لكن لا لإراقة قطرة دم، أكثر مما تفرضه الضرورة. لسنا مع تطرف التيار الصدري، لكن أبناء هذا التيار هم أبناء شعبنا، ولا نريد أن نرى دماءهم تراق، بل نريد أن نحقن دماءهم ودماء غيرهم، ليساهم الجميع في بناء العراق.
أرجع وأقول لا نريد أن نستبق النتائج ونحكم على أحد أو لأحد، ولعلنا سنقول للمالكي غدا حسنا ما فعلت، ولعل أبناء التيار سيعيدون النظر ليكونوا عنصر بناء للعراق، فالتيار مهما يقال عنه أشد عراقية من المجلس. لكني أقول للإسلاميين جميعا، كلكم تتحملون مسؤولية التأسيس للطائفية السياسية، وأنتم أصحاب مشروع تسييس الدين بطرح مشروع أسلمة المجتمع. عودوا إلى جوهر الدين، وكونوا ديمقراطيين علمانيين، وكونوا أوفياء لقضايا الوطن بالدرجة الأولى، صلوا واعبدوا الله في بيوتكم ولا تسيسوا صلاتكم وعبادتكم، بل لتكن صلاتكم وعبادتكم دافعا نحو العقلانية والإنسانية والوطنية. توبوا إلى ربكم وإلى شعبكم من خطيئة تسييس الدين وتسييس التشيع وتسييس المرجعية، فالاعتراف بالخطأ فضيلة، والتوبة تجب ما قبلها، فالعراق إنما يحتاج إلى النهج الوطني الديمقراطي المعتدل والصادق، ويحتاج إلى تأكيد عَلمانية الدولة، فعَلمنة الدولة أحفظ للدولة وللوطن وللدين، وللعقلانية ولمثل الإنسانية، وأقرب للرفق الذي قال عنه رسول الله (ص) «ما جُعِل الرفق على شيء إلا زانه (أي جمّله)، وما رُفِع عن شيء [واستـُبدِل بالعنف] إلا شانه (أي قبحه)»، والديمقراطية العَلمانية تمثل الجامع الوطني والعقد الاجتماعي الملزم عقلا وشرعا.
هل سيتحقق حلمنا في عراق حر آمن ديمقراطي علماني موحد؟
| |
|